الخميس، 18 يوليو 2013

أخى



فى نهايه يوم شاق ,لم اعهد مثله منذ زمن , استقليت حافله العوده ...اسندت رأسى الى المقعد, وعندها بدأ سكان هذا الرأس المُتعب فى الاستيقاظ والتنبه ... افكارا من هنا وذكريات من هناك..صوراً لأماكن وربما لأشخاص, تسبح فى افلاكها وكأنها كواكب فى مجره ... يقتربون ويبتعدون عن بؤره تركيزى فتتضح واحده وتتلاشى الاخرى ....ثم تراءيت لى كَكوكب دُرِّي , وتساءلت..كم من العمر قضيناه سوياً ؟ اتعلم انت؟؟ .. عشرون عاما .. بكل احداثها , بكل افراحها وبكل اوجاعها ..عشرون عاما تقبع فى غياهب الذاكره وكأنها بكره فيلم سينيمائى بدأ عرضه للتو...ومع سرد شريط الفيلم ..تُسرد الذكريات .. واتذكر ...
تذكرت خطواتك الاولى وتلك الابتسامه التى لا تشوبها شائبه وكأنها خرجت من قلبك مباشره لثغرك ... تذكرت اولى كلماتك ...اول يوم لك بصحبتى فى مدرستنا الإبتدائيه ... تذكرت درَّاجتنا...امازلت تذكرها؟؟ عندما كان لدينا القدره بها على تحويل طلبات امى البسيطه من احياء مدينتنا الهادئه الى رحله بين الادغال أو ربما جوله فى مدينه الاشباح ...تذكرت مُزاحنا ,مشاجراتنا , احلامنا... وتذكرت أيضاً, والتمس لى العذر, ذلك اليوم الازرق رغم سطوع شمسه , البارد رغم سخونه هواءه ... يوم اصطفت المقاعد المُدهبه اسفل منزلنا وعُلِّقت الانوار الحزينه ... يوم رأيتك , وكنت فتىً صغيراً لا طاقه لك بحمل الاحزان , تحمل جثمان أبيك وتسير فى قافله وداعه الاخير وتجلس بين صفوف المُعزين...وكل هذا قبل اداءك لاختبار المرحله الثانويه بيومين اثنين .. كانت عيناى فى ذلك اليوم معلقتان عليك , تعتذر لك عن قسوه الايام وعن مرارتها...وتذكرت يوم عنّفتُك على عبثك واخطاءك ووعدتنى بألا تخذلنى , وها أنت ذا تفى بوعدك لى, تُدخِل السرور على بيتنا من جديد ومن قبلُ على قلبى.
والآن وقد اجتزنا هذا العمر معا وبقى لنا ما بقى من ضحكات وما علينا من دموع لا يعلمها الا الله , لا يسعنى الا ان اشكرك ..فأنا مدينةٌ لك بكل لحظه أدخلت فيها على قلبى السعاده ... بكل مره وثقت بى فيها ووقفت بجانبى ...وبكل شِدّه اخذتُ من عينيك فيها الثبات ... فشكرا لك يا حبيبى ...شكرا لك يا صديقى... شكرا لك يا رفيقى ... شكرا لك يا أخى... حَفِظَك اللهُ لى وكتبنى فى صفوف المسافرين اليه قبلك. 

هدى كمال 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق